حرب الأيام الثلاثين: سيرة اشتباكات طرابلس

انتهت الاشتباكات التي شهدتها العاصمة الليبية، طرابلس، والتي دامت لشهر كامل، مخلفةً “117 قتيلاً و581 جريح، بالإضافة إلى 20 مفقود”، بحسب آخر إحصائية أعلنتها “إدارة شؤون الجرحى”، فيما تسببت في نزوح قرابة 25 آلف شخص، بحسب ما صرح به يوسف جلالة، وزير الدولة لشؤون النازحين والمهجريين.

الاشتباكات توقفت مساء يوم الثلاثاء الماضي (25 سبتمبر/أيلول)، عندما أعلنت “قوة حماية طرابلس” أنّها توصلت لاتفاق مع “المجموعات المهاجمة للعاصمة” (اللواء السابع) يقضي بعودتهم إلى مدينة ترهونة (90 كم جنوب شرق طرابلس)، بينما أعلن “لواء الصمود” المتحالف مع الأخير انسحابه بذريعة “نفاذ الذخيرة” وحفاظاً على حياة مقاتليه.

توقف الاشتباكات تمظهر بشكل أدق عقب الاتفاق الذي جرى توقيعه أيضاً يوم الثلاثاء في منطقة القويعة (50 كم شرق طرابلس)، بين قبائل ترهونة والمجلس الأعلى للمصالحة بطرابلس الكبرى، كضامنَين لأطراف النزاع، بهدف “تثبيت وقف إطلاق النار المتفق عليه حسب اتفاق الزاوية”. ويولي “اتفاق القويعة” وزير الداخلية المفوّض في”حكومة الوفاق الوطني” عبد السلام عاشور، الذي كان راعياً للاتفاق، صلاحية تشكيل قوة من مديريات أمن طرابلس وترهونة وقصر بن غشير، وبمشاركة ضباط الشرطة “المنتمين للداخلية قبل سنة 2011″، بغية تأمين منطقة جنوب طرابلس التي كانت مسرحاً لاشتباكات العاصمة الدامية.

عودة إلى اندلاع الاشتباكات

برغم إصدار “مشائخ وأعيان ترهونة والنواحي الأربع” بياناً في 24 أغسطس/آب الماضي، يطمئن أهالي طرابلس إلى أنّهم “لن يكونوا سبباً في إحداث صراع مسلح في عاصمتنا”، ويشدد على أن التحشيدات العسكرية على مشارف العاصمة هدفها “تأمين الحدود الإدارية” بين طرابلس ومنطقة النواحي الأربع، فقد اندلعت الاشتباكات بعد يومين (ليل 26 و27 أغسطس/آب) عندما هاجم “اللواء السابع” المنتمي لترهونة، تمركزات الكتائب المسلحة المنضوية تحت وزارتي الدفاع والداخلية في “حكومة الوفاق الوطني” المعترف بها دولياً، جنوب طرابلس، وتمكن في ظرف يومين من السيطرة على معسكر اليرموك، المقر السابق لوزارة الدفاع. تلى ذلك دخول “لواء الصمود” (إحدى الكتائب المحسوبة على “حكومة الإنقاذ”، والتي خرجت من طرابلس عقب دخول “حكومة الوفاق الوطني” في أبريل/نيسان 2016)، الآتي من مدينة مصراتة (200 كم شرق طرابلس)، بجانب “اللواء السابع”، في ما سمي بـ”عملية تطهير طرابلس” من “دواعش المال العام” و”ميليشيات الإعتمادات”.

كتائب طرابلس تتهم “اللواء السابع” بـ”مجازر جماعية” في ترهونة، و”اغتصاب المال العام” عندما سيطر على مصنع الإسمنت (55 كم جنوب طرابلس)، وبتنظيم عمليات “الهجرة غير الشرعية” وفرض “الإتاوات الشهرية” على المصانع الخاصة والمحال التجارية. كما أنّها تتهم آمر “لواء الصمود”، صلاح بادي، بكونه “حارق المطارات”، إذ إنّه اشتُهر بظهوره في فيديو بجوار مقاتليه وهم يهتفون “الله أكبر النيران داخل المطار الآن”، أثناء احتراق مطار طرابلس الدولي إبّان “عملية فجر ليبيا” التي كانت قد شهدتها العاصمة في يوليو/تموز 2014 وأغسطس/آب من العام نفسه.

تحالفات شائكة

في قراءته لمجمل مشهد الاشتباكات، يبدي الباحث المتخصص في الشأن الليبي جلال حرشاوي، اعتقاده بأنّ “أياً من المجموعات التي شاركت فيها لم تنهزم، ولم تتقوَّ بشكل كبير” في الوقت نفسه. هذا الرأي يجعل من السؤال حول خريطة النفوذ في “طرابلس ما بعد الاشتباكات” (الأعنف فيها منذ عام 2014)، معلَّقاً بانتظار استقرار المشهد وثبوت ركائز الاتفاق الموقع يوم الثلاثاء الماضي.

بيد أنّ التحالف الناشئ منذ بداية الاشتباكات بين “اللواء السابع” و”لواء الصمود”، حيّر كثراً باعتبار أنّ الأخير، وآمره صلاح بادي، من أكثر القوى المتعصبة لـ”ثورة 17 فبراير”، بينما يضم “اللواء السابع” في صفوفه بعض العناصر الأمنية المحسوبة على النظام السابق مثل “اللواء 32 معزز” (الذي كان سابقاً تحت أمرة خميس، نجل معمر القذافي)، وكتيبة “إمحمد المقريف” (التي كانت مكلفة بحماية مقر قيادة النظام السابق في باب العزيزية(، وفق ما صرح به عضو مجلس النواب عن مدينة ترهونة، محمد العباني، الذي قدّر تعداد أفراد “السابع” بحوالى 5 الآف عسكري، يشملون عديد “اللواء 22” الذي كان معروفاً بدوره بتبعيته إلى “القيادة العامة للجيش الليبي” (القائم في شرق البلاد) بقيادة خليفة حفتر. كما شبّه العباني “عملية تطهير طرابلس” بما حدث في بنغازي قبل أربع سنوات، عندما أعلن بعض الضباط قيامهم بـ”عملية الكرامة” بقيادة حفتر، علماً أنّ بعض المصادر الإعلامية الموالية لـ”القيادة العامة للجيش الليبي”، ذكرت أنّ قوات “سرايا الدفاع عن بنغازي” وبعض مقاتلي “مجلس شورى ثوار بنغازي” المناوئين لـ”الجيش الليبي”، يقاتلون ضمن صفوف “لواء الصمود” بقيادة صلاح بادي.

بعض المراقبين أرجعوا هذا التحالف إلى “الهدف المشترك” القائم بينهما، المتمثل في “الانتقام من كتائب طرابلس”. بينما أوعز آخرون السبب إلى “اجتماع داكار” الذي انعقد في شهر مايو/أيار الماضي، بين قيادات من “الجماعة الليبية المقاتلة” وبعض أنصار النظام السابق، برعاية رئيس السنغال و”مؤسسة برازافيل”، وقد وصف رئيس تحرير صحيفة “الوسط”، بشير زعبية، هذا التحالف بتعبير “التحالفات القاتلة”، مشيراً إلى ضرورة مراجعة هويّات الموقعين على “بيان داكار”. لكنّ الناطق باسم “اللواء السابع”، سعد الهمالي، صرّح في وقت لاحق، بأنّ اللواء “هو من يقود عملية تطهير طرابلس”، و”أننا لم نأتِ (إلى العاصمة) لنُرحِّل ميلشيا ونضع أخرى”، عند سؤاله عن مشاركة القوة التي يقودها صلاح بادي في العملية. وقال إنّ قدومهم إلى طرابلس يهدف إلى “تحريرها من الميليشيات وتفعيل مؤسسات الدولة”، وأنّ اللواء “لن يسمح ببقاء أي ميليشيا فيها”.

لمن يتبع “اللواء السابع”؟

“اللواء السابع”، أو ما يعرف بـ”الكانيات” نسبة إلى عائلة الكاني صاحبة النفوذ الفعلي على اللواء، قدّم نفسه كجهة رسمية تابعة للحرس الرئاسي تشكلت في فبراير/شباط من العام الماضي بقرار من وزير الدفاع السابق المهدي البرغثي، غير أنّ المجلس الرئاسي لـ”حكومة الوفاق الوطني”، تبرأ من تبعية اللواء له، فيما عرض “الحرس الرئاسي” قرارين، صدرا في فبراير/شباط وأبريل/نيسان من العام الجاري، يقضيان بحلّ جميع الألوية التي تشكلت بموجب ذاك القرار. لكنّ اللواء ظلّ يوسم قراراته تحت اسم “وزارة الدفاع”، واصفاً المجلس الرئاسي بأنه “واقع تحت ضغط الميليشيات المسيطرة على العاصمة طرابلس”، وبأنّ “القرارات التي تصدر تحت التهديد تعتبر قرارات باطلة”.

لمن يتبع “اللواء السابع” عملياً؟ سؤال حيّر الليبيين، خصوصاً بعد رفض “اللواء” تصريحات أحمد قذاف الدم، المبعوث الشخصي السابق للقذافي، بشأن “تسييس الحراك العسكري”، وبتشبيهه تحركهم بتحرك “الضباط الوحدويين الأحرار” في “مثل هذه الليلة” (يقصد ليلة الانقلاب العسكري على النظام الملكي في الأول من سبتمبر/أيلول عام 1969). كما رفضوا تصريح عضو مجلس النواب (الكائن بطبرق ـــ شرق البلاد)، علي التكبالي، بشأن تبعية اللواء إلى “عملية الكرامة” بقيادة حفتر، وهو الأمر الذي عاد ليأكده أحمد المسماري، الناطق باسم “القيادة العامة للجيش الليبي” (الذي تشكّل إبان “عملية الكرامة”)، بأنّ لا وجود لقوات تابعة لهم تقاتل في طرابلس.

تشكيل “قوة حماية طرابلس”..
لمحاربة “ذيول الأخوان والمقاتلة”

رداً على الهجوم، قامت الكتائب المتواجدة داخل طرابلس، مثل “كتيبة ثوار طرابلس”، و”قوة الردع الخاصة”، و”القوة الثامنة ـــ النواصي”، و”الأمن المركزي ـــ فرع أبوسليم”، و”كتيبة الضمان”، و”كتيبة 92 مشاة”، و”سرية الدعم والإسناد 42 مشاة”، و”كتيبة باب تاجوراء”، بالإضافة إلى “كتيبة 301 مشاة” التي انسحبت في ظروف غامضة بداية الاشتباكات ثم عادت لاحقاً، بتشكيل “قوة حماية طرابلس”. وقد وصفت هذه القوة المهاجمين بأنّهم “ذيول الأخوان والمقاتلة” الذين “تحالفوا ليعمّ الظلام من جديد وتعود الحرابة والاقتتال والخطف والابتزاز للعاصمة بعدما تم تطهيرها منهم في السابق”.

جدير بالذكر أنّ قوتي”الأمن المركزي” و”كتيبة 301 مشاة”، جرت بينهما اشتباكات قبل حوالي شهرين، قبل أن يحاربوا جنباً إلى جنب في محور طريق المطار ضد “لواء الصمود”. كما جرت مصالحة بين “قوة الردع الخاصة” و”كتيبة 33 مشاة” من خلال أعيان عن منطقتي سوق الجمعة وتاجوراء اللتين تمثلان القوتين بالترتيب، تبادلوا فيها السجناء والأسرى في ما بينهم (بعد الاشتباكات التي دارت بمحيط مطار معيتيقة منتصف يناير/كانون الثاني الماضي)، وأعادوا فتح طريق الشط الذي كان مغلقاً قبل اندلاع الاشتباكات في العاصمة.

قذائف عشوائية
… واتهامات متبادلة

رغم أنّ الاشتباكات دارت في جنوب المدينة، فإنّ عشرات “القذائف العشوائية” وصلت إلى وسط العاصمة (على بعد حوالى 20 كم من مناطق الاشتباكات)، حيث سقطت على فندق الودان وأصابت بعض النزلاء، وعلى منطقتي بن عاشور وطريق السكة بالقرب من مقر رئاسة الوزراء، كما سقطت غرباً في مناطق غوط الشعال والسياحية وقرقارش، مخلفةً أضراراً مادية وبشرية، الأمر الذي أدى إلى تبادل الاتهامات بين أطراف النزاع حول مسؤولية قصف المدنيين والبيوت.

أيضاً، سقطت القذائف شرقاً، في سوق الجمعة والغرارات ومطار معيتيقة (المنفذ الجوي الوحيد بالعاصمة الليبية بعد تدمير مطار طرابلس الدولي إبّان “عملية فجر ليبيا” عام 2014)، ما تسبب في وقف حركة الملاحة الجوية داخل المطار، وتحويل رحلاته إلى مطار مصراتة (200 كم شرق طرابلس). غير أنّ القصف المتكرر على مطار معيتيقة، تبنت جزءاً منه، مجموعة ظهرت مُلثمة في تسجيل مرئي، تسمي نفسها “حراك شباب طرابلس”، وأكدت على أنّها لن تتوقف عن استهداف المطار إلا بحلّ “تلك ميليشيات الموجودة داخل مطار معيتيقة”، واصفةً “قوة الردع الخاصة” بـ”المداخلة” (نسبة إلى التيار المدخلي السلفي)، وبأنّ “السعودية هي الداعم الأساسي” لها، متهمةً إياها أيضاً بــ”استغلال المطار لتمرير أجندات خارجية وأفكار متشددة”. ورغم تسليم المطار إلى “جهات رسمية” بحضور وزير الداخلية في “حكومة الوفاق”، فقد ظلت مجموعة “حراك شباب طرابلس” تستهدف المطار، واصفةً “التسليم والاستلام” الذي حدث بـ”التدليس والمرواغة”.

إختراقات متكررة للهدنة

في الأيام الأولى، ظلت الاشتباكات متقطعة، تخضع للهدنة من قبل وسطاء ومشائخ وأعيان ليلاً، لتُخترق صبيحة اليوم التالي. واستمرت على هذا الحال حتى أتى اجتماع الزاوية (يوم 4 سبتمبر/أيلول) برعاية البعثة الأممية إلى ليبيا، بحضور ممثلين عن أطراف النزاع ووزراء وعسكريين، والذي ألزم الموقعين بــ”وقف كل الأعمال العدائية” وبضرورة “إعادة فتح مطار معيتيقة”، الأمر الذي تحقق بالفعل (في 7 سبتمبر/أيلول)، لكنه لم يدم إلّا لخمسة أيام إذ توقف المطار مرة أخرى بسبب سقوط القذائف عليه.

بعد ذلك الاجتماع، أتى اجتماع الزاوية الثاني بــ”اتفاق تعزيز وقف إطلاق النار” (يوم 9 سبتمبر/أيلول)، الذي نصّ على “حلّ لجنة الترتيبات الأمنية الحالية وإعادة تشكيل لجنة ترتيبات أمنية جديدة تساهم البعثة (الأممية) في تقديم الدعم اللازم لها”، وعلى تعهد “مجموعات طرابلس” بعدم “الابتزاز والضغط والدخول إلى المؤسسات السيادية”، بالإضافة إلى “الإعلان عن حزمة الإصلاحات الاقتصادية خلال أسبوع”، وإلغاء “مجموعة القرارات التي صدرت خلال الفترة الماضية والتي تنقل صلاحيات الدولة إلى مجموعات مسلحة”.

“عملية بدر” بلهجة سلفية


حظيت العاصمة بهدوء نسبي لأيام معدودة بعد “اتفاق الزاوية الثاني”، لكنه تعرض كغيره لعدة خروقات من أطراف النزاع، إلى أن قامت “قوة حماية طرابلس” بـ”عملية بدر”، في 21 سبتمبر/أيلول، والتي تمكنت من خلالها من التقدم في محور صلاح الدين، واسترجاع معسكر اليرموك. بيان “عملية بدر” الذي تلاه رجال ملثمون في مقطع فيديو قصير، جعل بعض المراقبين يؤكدون أنّ “القوى السلفية” هي “رأس الحربة الفعلي” في هذه العملية، خصوصاً مع ظهور بيان نصّي (لم يتم تأكيده أو نفيه) جرى تداوله عبر مواقع التواصل الإجتماعي، يصف المهاجمين على طرابلس بـ”الخوارج المرتدين”، ومتهماً إياهم بأنّهم “تجرعوا سموم فكرهم ومنهجهم من مكفر الأمة سيد قطب”، كما نوهّ إلى “الشباب السلفي المقاتل” الذي “تقاطر حاملاً للواء التوحيد والجهاد ورد الصائل من كل حدب وصوب” (كانت هناك تسريبات سابقة بشأن توافد “المقاتلين السلفيين” من صبراتة وصرمان ومصراتة وسرت، لمساندة “قوة الردع الخاصة” المعروفه بتوجهها السلفي).

إحاطة سلامة…
وضعت “النقاط على الحروف”

“أعمال العنف دمرت الهدوء المهيمن على العاصمة منذ مايو/أيار 2017”. بهذه الكلمات وصف المبعوث الأممي غسان سلامة، وضْعَ العاصمة الليبية أثناء تقديم إحاطته أمام مجلس الأمن حول تطور الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا (يوم 5 سبتمبر/أيلول)، وأوضح أن ذلك المشهد تسبب في “أعمال سرقة ونهب وهرب الكثير من السجناء”، مضيفاً في سياق كلمته أنّ المجموعات المسلحة وقادتها أصبحوا “من أصحاب الملايين” من خلال نهب “ثروات الشعب” في وقت يعيش فيه الليبيون “على خط الفقر”.

أيضاً، اتهم سلامة مجموعات تابعة “إسمياً” لوزارة الداخلية  بأنّها “تقوم بعمليات قتل وتعذيب وخطف موظفين في المؤسسات السيادية” (في طرابلس)، مثل المؤسسة الوطنية للنفط والمؤسسة الليبية للإستثمار، كما اتهم أعضاء مجلس النواب الذين “تمّ انتخابهم من قبل 15% من السكان” قبل أربع سنوات بأنّهم “يسعون إلى تخريب العملية السياسية لتحقيق مآرب شخصية… وليست لديهم النية في التخلي عن مناصبهم”، الأمر الذي أدى إلى “دفع جميع مواطني ليبيا لأثمان باهظة”. كذلك، دعا سلامة “حكومة الوفاق الوطني” ومصرف ليبيا المركزي إلى تنفيذ إصلاحات فورية لـ”تعديل سعر صرف العملة الليبية”، معتبراً أن القضايا الإقتصادية تشكل “أساس الأزمة” الحالية.

إحاطة سلامة اعتبرها رئيس المجلس الأعلى للدولة السابق، عبدالرحمن السويحلي، بأنّها “صريحة” و”وضعت النقاط على الحروف”، مستدركاً بأنّها “تحتاج إلى خطوات عملية جريئة وتواريخ واقعية محددة لإعادة الأمر إلى الليبيين ليختاروا قياداتهم من خلال انتخابات نيابية نزيهة”.

وضع كارثي… يدعو إلى الانتحار

توقفت الاشتباكات صبيحة يوم الثلاثاء (25 سبتمبر/أيلول)، بعدما عقدت الأوضاع المعيشية بالعاصمة، حيث تسببت في انهيارات متكررة لشبكة الكهرباء، لتعيش المنطقة الغربية لأيام متواصلة في ظلام دامس، وهو الأمر الذي أدى إلى انقطاع المياه أيضاً عن المدينة. أما عن الوضع في مناطق الاشتباكات، مثل خلة الفرجان، فـ«لا أمية ولا ضي ولا إنترنت ولا تغطية اتصالات»، يقول محمد (31 سنة) غاضباً بسبب الاشتباكات التي أجلت حفل زفافه: «بدلاً من أقضي شهر العسل مع زوجتي وجدت نفسي أنصت للرصاص». لكنّه يعلق بسخرية بأنه «اكتسب خبرة تمييز أصوات الرصاص والقذائف» (جدير بالذكر أن منطقة خلة الفرجان تعرّضت لانقطاع تام للكهرباء لأكثر من أسبوعين بسبب الأضرار التي لحقت بمحطات الكهرباء).

«لم أتصور أن أعيش أياماً أسوء من أيام فجر ليبيا (عام 2014)»، تقول إيمان (28 سنة) التي بقيت مع أسرتها بمنزلهم الكائن بشارع ولي العهد في طريق المطار، مضيفة: «قررنا البقاء في منزلنا بعدما رأينا حالات السرقة التي حدثت في البيوت المجاورة من قبل عصابات بادي»، علماً أنّ الفراغ الأمني تسبب أيضاً بحدوث العديد من عمليات السطو على السيارات.

هو شهر كارثي عاشته العاصمة الليبية، قد لا تعكس حقيقة صورته سوى محاولة شاب ليبي الانتحار من على جسر باب تاجوراء… قبل أن يتم إنقاذه في اللحظات الأخيرة.

 

 

الإرهاب يستغل الفراغ الأمني

تعرضت المؤسسة الوطنية للنفط إلى هجوم إرهابي، في 10 سبتمبر/أيلول، نفذه “ستة أشخاص… من تنظيم داعش”، وفق تصريح وزير الداخلية المفوّض عبد السلام عاشور، وأودى بحياة موظفين داخل المؤسسة، وأوقع عشرة إصابات، بحسب إحصاءات “وزارة الصحة”. وجاء الهجوم بعد أربعة أيام من إعلان المؤسسة الوطنية للنفط بأنّ إيراداتها بلغت 13.6 مليار دولار أميركي، للفترة الممتدة من يناير/كانون الثاني إلى نهاية يوليو/تموز 2018، محققةً بذلك أعلى مستوى من الإيرادات منذ عام 2013.

هذا الهجوم الإرهابي، الذي يعتبر الثاني من نوعه، بعد تعرّض المفوضية العليا للإنتخابات إلى تفجير إنتحاري في الثاني من مايو/أيار الماضي، وبعد تفجير آخر استهدف بوابة أمنية في وداي كعام (100 كلم شرق طرابلس) في 23 أغسطس/آب، كان “اللواء السابع” قد علّق عليه معتبراً أنّه “يثبت أنّ الميليشيات التي تتحصل على الميزانيات الضخمة عبر ابتزاز الحكومة (في طرابلس) ستظل فاشلة وغير قادرة على حماية المواطن ومؤسسات الدولة”.